اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 228
واقواتكم وذلِكَ التدوير والتدبير كله تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ القادر الغالب على عموم صور التداوير والتدابير الْعَلِيمِ الحكيم في وضع هذا التدوير المخصوص المتعارف النافع لمعاش عباده
وَكيف تصرفون عنه سبحانه مع انه هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ولتدبير مصالحكم النُّجُومَ الزاهرات مرتكزة في السموات لِتَهْتَدُوا بِها وتوصلوا بهدايتها الى مطالبكم حين كنتم تائهين ضالين فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ اى في مفاوزه وبيادره وَالْبَحْرِ اى لججه واغواره وبالجملة قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ الدالة على توحيدنا واستقلالنا في التصرفات والتدبيرات الواردة في عالم الكون والفساد لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ يستدلون وينتفعون بها ويتنبهون الى وحدة موجدها ومصرفها
وَايضا كيف يصرفون عنه سبحانه مع انه هُوَ القادر المقتدر الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وأظهركم بالتجلى الحبى مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ هي طبيعة العدم فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ اى قد قدر لكم أطوارا مختلفة وشئونا شتى متفاوتة لبعض قرار واستقرار ولبعض استيداع واستتار تتبدلون وتتحولون من حال الى حال على مقتضى تطوراتها وتجلياتها قَدْ فَصَّلْنَا وأوضحنا الْآياتِ الدالة على ان لا وجود لغيرنا من الاظلال ولا قرار ولا مدار لها أصلا لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ يتأملون ويتدبرون لينكشفوا بكيفية سريان الهوية الإلهية في صفحات المظاهر الكونية والكيانية
وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ جانب السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ اى بالماء التفت سبحانه لئلا يتوهم اسناد الإخراج الى الماء نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ يعنى ينبت كل صنف من أوصاف النباتات فَأَخْرَجْنا مِنْهُ اى من النبات خَضِراً وهو الساق نُخْرِجُ مِنْهُ اى من الخضر حَبًّا مُتَراكِباً وهو السنبلة وَأخرجنا ايضا مِنَ النَّخْلِ طلعها وقد ظهر مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ عنقود دانِيَةٌ قريبة للمتناول كثيرة وافرة ملتفة بعضها ببعض وَايضا قد أخرجنا وأظهرنا بالماء جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَكذا قد أخرجنا به الزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ من أشجارها مُشْتَبِهاً بعضها ببعض وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ يعنى أنواعا مختلفة وأصنافا متفاوتة انْظُرُوا ايها الناظرون إِلى ثَمَرِهِ اى ثمر كل من المذكورات إِذا أَثْمَرَ اى حين خرج أولا صغيرا بلا لذة وانتفاع وَانظروا الى يَنْعِهِ نضجه وصلاحه ونفعه وكبره يوما فيوما ثم اعتبروا يا اولى الباب منها إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ اى دلائل واضحات على وجود الفاعل المختار الحكيم المتقن في فعله بلا مشاركة احد وممانعة ضد وند العليم الخبير بتطوراتها وتبدلاتها من حال الى حال متدرجا من كمال الى أكمل المربى لكل منها بما يناسبها ويلائمها على وجه الاعتدال الى ان يعود الى ما بدا لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ويوقنون بوحدة ذاته وكمالات أسمائه وصفاته
وَمع عجائب صنع هذا الصانع القديم وبدائع حكم هذا العليم الحكيم قد جَعَلُوا من غاية جهلهم ونهاية غفلتهم واثبتوا لِلَّهِ المتوحد في ذاته المنزه عن الشركة مطلقا شُرَكاءَ خصوصا الْجِنَّ الشياطين فيعبدونهم كعبادة الله ويمتثلون أوامرهم كاوامر الله وَالحال انهم عالمون بان الله خَلَقَهُمْ ومعبوداتهم وَمن جملة شركهم انهم خَرَقُوا لَهُ سبحانه اى اثبتوا له خرقا لعادة الله وسنته افتراء ومراء بَنِينَ كما قالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله وَبَناتٍ كما قالت العرب الملائكة بنات الله كل ذلك مختلق صادر منهم بِغَيْرِ عِلْمٍ ومعرفة بذات الصمد المنزه عن الأهل والولد سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ هؤلاء الظالمون المفرطون المفرطون
إذ هو سبحانه بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى مبدعهما ومظهرهما
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 228